تحليل نص مسرحي (البيت والوهم)، الثانية باك آداب وعلوم إنسانية.


تحليل نص مسرحي (البيت والوهم)، الثانية باك آداب وعلوم إنسانية. مقدمة النص المسرحي....

البيت والوهم
(المنظر العام: غرفة جلوس في بيت متوسط الحال، باب إلى اليسار، نافذة في الخلف، مقعد طويل في جهة اليمين، كرسي أو كرسيان من الخيزران في اليسار، بعض الأشياء الأخرى البسيطة...)
- سمير: تكلم يا أبي شغلت فكرنا.
-الأب: كنت أريد إخفاء الأمر عنكم طوال الأيام الماضية، حاولت أن أدبر أمري، لكني لم استطع. اسمعوا جيدا يا أولاد. مرض أمكم خطير...
-الأب: وهي بحاجة إلى عملية جراحية مستعجلة وبارعة.
-أحمد: نحن على استعداد لتقديم كل معونة.
الأب: ليس أمامنا إلا حلٌّ واحد ٌ (فترة صمت وتأهب) أن يبيع.
أحمدُ بيتهُ.
- أحمد: أبيع بيتي ؟ أبيع بيتي؟
-الأب: نعم هذا هو الحل الوحيد. المبلغ اللازم كبير جدا، ولا يسدده إلا ثمن بيتك.
- سمير: يجب أن تبيع بيتك يا أحمد.
- أحمد: (إلى سمير) تتبرع بما لا تملك؟
- أسماء: في بيتكَ إنقاذ أمًّكَ.
- أحمد: أنت لا تعلمين كم شقيتُ في سبيله...عشر سنوات طويلة وأنا أتعب وأشقى...
هراءٌ. كيف أتقدم إلى سلمى وأنا دون بيت؟
- سمير: ألم تقل أنها هجرتْكً ؟
- أحمد: لا تصدق ذلك، كل الفتيات يقلن هذا، ثم يقبلْنَ.
- سمير: لا أظن ذلك.
- أحمد: لا تعلقوا حل المشكلة بي وحدي.
- سمير: أترضى أن تموت أمك وأنت تستطيع إنقاذها؟
-أحمد: إن أنقذتها خسرت نفسي.
-سمير: (يغضب) كفاك غباءً. مازلت شابا ويمكنك استرجاع بيتكَ.
-أحمد: (صارخا) وسلمى؟ سلمى كيف أتقدم إليها من جديد؟
-سمير: ألم تقتنع بأنها رفضتك؟
فرحان بلبل، "العيون ذات الاتساع الضيق"...
المطلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوب
اكتب موضوعا إنشائيا متكاملا، تحلل فيه هذا النص، مستثمرا مكتسباتك المعرفية والمنهجية واللغوية، ومسترشدا بما يأتي:
* وضع النص ضمن السياق الأدبي لتطور في المسرحية، ووضع فرضية لقراءته؛
* تلخيص المتن الحكائي للمسرحية؛
* إبراز الخطاطة السردية في النص؛
* رصد خصائص النص الفنية بالتركيز على:
- الشخصيات وصفاتها والعلاقات بينها؛
- دور الحوار في تطور الأحداث؛
- طبيعة الصراع الدرامي في المسرحية؛
* تركيب نتائج التحليل وإبراز البعد الاجتماعي في المسرحية، مع ابداء رأيك الشخصي في مدى قدرة الفن المسرحي على التعبير عن القضايا الاجتماعية.

تحليل نص مسرحي

عرف النثر العربي في عصر النهضة تطورا كبيرا نتيجة مجموعة من العوامل السياسية والأدبية ولاقتصادية كانتشار الطباعة والنشر والصحافة والترجمة، وكذا الاستعمار، مما أدى إلى انفتاح الأدب العربي على الآداب الغربية، وهكذا ظهرت أنواع أدبية نثرية جديدة لم تكن معروفة من قبل منها المقالة والقصة القصيرة والمسرحية، وهي من الفنون الجميلة التي ظهرت في الأدب العربي منتصف القرن التاسع عشر من خلال ترجمة بعض الأعمال المسرحية الغربية، وهي تتميز بعدد من الخصائص منها الحوار والصراع الدرامي والإرشادات والتوجيهات، بالإضافة إلى الزمان والمكان والشخصيات، وكل ذلك ساعد المبدع على التعبير عن القضايا الاجتماعية والنفسية للمجتمع، ومن روادها نذكر توفيق الحكيم وسعد الله ونوس ومحمد الكغاط وعز الدين المدني وعبد الكريم برشيد وفرحان بلبل الذي ترك عددا من الأعمال المسرحية منها مجموعته المسرحية "العيون ذات الاتساع الضيق" والتي أخذها منها هذه المسرحية.
فما هو المتن الحكائي في المسرحية؟ وما خطاطتها السردية؟ وما خصائص من حيث الشخصيات والحوار والصراع؟ وما مدى قدرة النص المسرحي عامة على التعبير عن القضايا الاجتماعية؟
ومن خلال ملاحظة العنوان "لبيت والوهم" وبداية النص "المنظر العام: غرفة جلوس في بيت متوسط الحال" ونهايته وبعض المشيرات النصية الأخرى نفترض بأنه نص مسرحي يعالج قضية اجتماعية.
تحكي هذا المسرحية عن أب جمع أبناءه ليخبرهم بخطورة مرض والتهم، وقد رأى أنه ليس هناك من حلِّ سوى أن يبيع ابنه أحمد داره، غير أن هذا الأخير لم يستطع تقبل الأمر رغم أن جميع أفراد الأسرة قد رحبوا بالفكرة، وكانت حجته أنه بقي عشر سنوات يشقى للحصول على هذا المنزل، وهو يرغب في الزواج من خطيبته ويسكن ذلك البيت، ورغم محاولات الإخوة والأب لإقناعه إلا أنه بقي على موقفه الرافض للتضحية منفردا.
تتميز هذه المسرحية بتطور أحداثها وفق خطاطة سردية بدأت بوضعية البداية عندما جلس الأب رفقة أبنائه ليحدثهم في أمر مهم، لكن سرعان ما ظهر العنصر المخل عندما أخبرهم بمرض الأم الخطير والذي تحتاج معه إلى مبلغ كبير لا يمكن توفير إلا من خلال بيع منزل أحمد، وهذا ما أدى إلى وضعية التحول أو الوسط؛ حيث تناقش الجميع بعصبية حول هذه الفكرة، فانقسموا بين سعيد بالاقتراح ورافض له وبخاصة أحمد الذي تعلل بعشر سنوات قضاها في بناء هذا البيت، وإن فرًّط فيه الآن فسيكون ذلك على حساب سعادته، ليذكر أخوه سمير بأن سلمى خطيبته قد رفضته وهذا هو العنصر الانفراج الذي أدى إلى وضعية النهاية؛ حيث هدأت المناقشة بين أفراد الأسرة.
من الخصائص المهمة التي ميزت هذه المسرحية نجد الشخصيات، فهناك الأب الذي يعيش حياة بسيطة ويحاول أن يوفر متطلبات أسرته، كما أنه أخفى عن أبنائه خطورة مرض أمهم حتى لا يقلقوا، له ثلاثة أبناء وهم أحمد الذي يملك بيتا ويستعد للزواج من سلمى خطيبته، وأسماء وسمير واللذان دعما موقف الأب ولكنهما اصطدما برفض أحمد الذل اعتبرهما يتبرعان بما لا يملكان، والعلاقة بين هذه الشخصيات أنها تشكل أسرة واحدة ويجمعها بيت واحد وهي تجسد نماذج بشرية من صميم الواقع.
تعتبر خاصية الحوار المظهر الحسي البارز في هذا النص المسرحي، وقد كان حوارا خارجيا يدور بين الشخصيات وله وظيفة مهمة، وهي تنمية الأحداث وتطويرها ورسم ملامح الصفات الاجتماعية والنفسية للشخصيات، كما أن الكاتب عمل على صياغته صياغة ملائمة للمواقف من حيث قول أحمد وهو يستغرب من طلب الأب "أبيع بيتي؟" وكذلك قول سمير بعد لحظة صمت من الأب "تكلم يا أبي شغلت فكرنا".
من خلا الحوار السابق تطور الصراع الدرامي وهو من خصائص النص المسرحي، وقد تجلى في الخلاف بين الأب وأبنه أحمد حول طريقة تدبير علاج الأم، فالأب يرى ضرورة التضحية بالبيت الذي يمتلكه أحمد؛ لأنه الحل الوحيد لتوفير مبلغ كبير للعلاج، بينما يرى أحمد بأنه ليس ملزما بالتضحية وهذه ليست مشكلته لوحده وعلى الجميع تحمل المسؤولية، هذا الصراع تجلى في النص من خلال الحوار والانفعال وتقديم كل طرف لحججه من أجل إقناع الطرف الآخر.
بعد أن انتهينا من تحليل هذا النص نستطيع أن نؤكد الافتراض الذي بدأنا به سابقا والذي يفيد أننا أمام نص مسرحي يعالج قضية اجتماعية، ذلك أن الكاتب اعتمد خصائص هذا الفن من زمان ومكان وشخصيات وأحداث، بالإضافة إلى استخدام الحوار كمظهر حسي بارز ساهم في تطوير الأحداث، وجسد الصراع الدرامي بين شخصيات الحكاية، كما أن الكاتب استعان بعدد من الجمل والتراكيب التي وضعها بين قوسين للإشارة إلى الحركة وتنغيم الأصوات وفضاء الحكاية، ولعل الرهان الذي سعى إليه الكاتب كان اجتماعيا لأنه أشار بوضع إلى مشكلة اجتماعية تعاني منها الأسر العربية، وهي الفقر الذي يستحيل معه التمدرس والتطبيب بدون تكافل اجتماعي حقيقي بين جميع الأفراد، ولكن هذا التعاون يمكن أن يصطدم بعدد من الحواجز النفسية والاجتماعية، وتعتبر شخصية أحمد نموذجا للإنسان الذي بذل جهدا كبيرا للحصول على منزل، ولكن التكافل الأسري فرض عليه أن يضحي به، ولذلك بقي محتارا بين تقديم هذه التضحية أو تغليب الأنانية.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-