اللسانيات التربوية
إن تعليم وتعلم اللغة العربية عملية تحتاج
إلى الإلمام بالقضايا اللغوية، وأستاذ اللغة لابد أن يكون واعياً بالأصول التربوية
لتعليم اللغة، ومن هنا تظهر لنا العلاقة المتبادلة والارتباط الشديد بين علم
اللسانيات وعلم التربية والذي أنجب لنا اللسانيات التربوية بوصفها فرعاً من فروع
اللسانيات التطبيقية.
وتظهر هذه العلاقة في معالجة المشكلات اللغوية
التربوية الميدانية من نحو: ماذا يعلّم الأستاذ تلاميذه ؟ ما منهجيته في تعليم
اللغة؟ كيف يتدرج في تعلميه ؟ وكيف يعرض مادته ؟ كل هذه التساؤلات وغيرها يعالجها علم اللسانيات التربوية.
إننا ندرك أنَّ نحو اللغة العربي وقواعدها
قد أضحت تمثال إنجاز بالغ الأهمية، فقد بذل
علماء اللغة العربية الأوائل في جمع اللغة وتقعيدها ما لم يسجله التاريخ للغة
أخرى، واللغة والنحو من أهم القضايا التي تعنى بها اللسانيات التربوية، ومن
أعسر الموضوعات على المتعلمين، مما أوجد جفوة بين اللغة ومتعلميها، ومرد ذلك كما يتداول
الكثيرون ليس اللغة في ذاتها، بل التعسف في مناقشة قضاياها بين علمائها الأوائل
وسوء تداولها في العصر الحديث فوقعت اللغة بين سندان هؤلاء ومطرقة أولئك، فاستصعبها الناشئة [1].
لقد نقد الكثير من
العلماء الأوائل هذه القضية، وشعروا بالثقل الذي أثقلت به العربية، فمنهم من باح
بشجوه وأورد رأيه في ثنايا مؤلفاته كالجاحظ وابن جني والجرجاني الذين نادوا بضرورة
دراسة النحو دراسة ضمنية وظيفية تطبيقية لا نحوا صرفا [2] . ومنهم من ألف ردا على
النحاة الأوائل من أمثال ابن مضاء القرطبي وذلك مع اعترافه بقيمة قاعدتهم والهدف
من وضعها، يقول: "إني رأيت النحويين قد
وضعوا صناعة النحو لحفظ كلام العرب من اللحن وصيانته عن التغيير فبلغوا من ذلك الغاية التي أمّوا، وانتهوا إلى المطلوب
الذي اتبعوا، إلا أنهم التزموا ما لا يلزمهم، وتجاوزوا
فيها القدر الكافي فيما أرادوا منها، فتوعرت مسالكها ووهنت مبانيها " . [3]
ومعنى هذا أن ابن مضاء
يسلم منذ البداية بالهدف التعليمي وبالجانب المعياري، لكنه يرى أن
النحاة بالغوا في ذلك، حيث أثقلوا النحو بأمثال العلل الثواني والثوالث [4].
وبعد فنحن لا نقف مع هذا أو ذاك
ولا مع المحدثين أو غيرهم، ولكننا نريد
نحوا يقبل عليه الطلاب،
خاصة في مراحلهم الأولى من التعلم، نريد كذلك أن
يجتمع فكر التربويين مع النحويين، ليخرجوا
لنا علمهم وخلاصة جهدهم في تيسير تعليم العربية لنا و للأجيال القادمة؛ حتى لا تلامس لغتـــنا
الكريمة نارُ القطيعةِ من أجيالها.
المراجع:
[1] - أسماء بنت ابراهيم الحور (دراسة ) " الفكر اللساني التربوي عند ابن
خلدون " نشر
في موقع : http://www.lissaniat.net
[4] -
أسماء بنت ابراهيم الحور (دراسة ) " الفكر اللساني التربي عند ابن
خلدون " نشر
في موقع : http://www.lissaniat.net