الجذر الثنائي
ذكر الخليل بن أحمد
الفراهدي أن جذور اللغة العربية محصورة بين الثنائي والخماسي، فلا تقل عن ذلك،
ولا تزيد إلى بحروف الزيادة التي لا دخل لها في معنى الكلمة المجردة. فجذور
الكلمات العربية إما ثنائية أو ثلاثية أو رباعية أو خماسية.
سنخصص هذا المحور لنبين
أن هناك جذور ثنائية التكوين والتي لم تخصص لها المعاجم العربية، قديمة كانت أو حديثة
دخلات جذرية. على الرغم من أن هذا الصنف من الجذور كان واردا في اللغات السامية.
إن المعتمد الأساسي
لوضع الألفاظ في العربية هو الجذر الثلاثي. لكننا نجد بعض البنى الثنائية
"الاسمية" "والفعلية" خاصة قد تحولت إلى بنى وأفعال ثلاثية -
ولنقل إلى جذور ثلاثية بطريقة خاصة – إما بإشباع مدّي أو بإقحام أو إبدال مقطعي
حروفي وفق قوانين صوتية مناسبة فيظهر حرف جديد في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها
ويحولها عن شكلها الثنائي لتدخل في إطار الجذر الثلاثي[1] .
غير أن هناك عدد قليل
من الكلمات العربية التي بنيت جذورها بناءً ثنائيا إذ حددها الدكتور محمد الوادي
في مقاله "أصناف الجذور في المعجم العربي" إلى 27 جذرا ثنائيا سالما (أي الذي سلمت صوامته
من أي تضعيف مثل: √ل م-م (لَ-مَّ)؛ أو تكرير مثل: √ل م- ل م (لَمْلَمَ))، شتقت منها العرب بعض
المقولات مثل الأسماء والأفعال والصفات والمصادر وغيرها من أقسام الكلام، كما في
الأمثلة :
الجذر | تصاريفة |
√ح م | حم، حموان، أحماء، حموها ... |
√س م | اسم، سموي، سمي، أسماء... |
√س ت | است، أستاه، ستيهة، ستهي... |
√ش ف | شفة، شفيهة، شفوي، شفهي، شفاه... |
√ء خ | أخ، أخوان، إخوان، إخوة، أخوي، أواخي، إخاء، آخى... |
√ث ن | اثنان، اثنتان، أثناء، ثنوي... |
√ي د | يد، يدان، ايادي... |
√د م | دم، دماء، دموي، دمي ... |
√ر ء | رئة، رئتان، رئات، رئون... |
√س ن | سنة، سنتان، سنون، سنوات ... |
√ف ء | فئة، فئتان، فئات، فِئون ... |
√ه ن | وهن، هِن، وهناً، واهن ... |
√ب ر | وبرة، وبرات، وبر ... |
√م ء | مائة، مئون، مئات ... |
√ف م | فم، فمان، فموان، أفواه، فويه ... |
√ء ب | أب، أبوان، أبان، أبوي، أبوّةً... |
من خلال الجدول أعلاه
نلاحظ ظهور بعض العلل "إما علل فموية (oral glides)، وهي العلل التي تنتج في تجويف الفم، مثل الواو
والياء في اللغة العربية، أو علل حنجرية (laryngeal glides)،
وهي التي تنتج في الحنجرة، مثل الهمزة والهاء. وتشكل هذه العلل بنوعيها صنفا صوتيا
طبيعيا (natual class) من سماته [- صامتي، - رنان، - مقطعي]. وتتقاسم
عناصر هذا الصنف الصواتي نفس الأحكام الصواتية في اللغة العربية، مثل قواعد القلب،
والإعلال والحذف والزيادة"[2] .
وقد اعتبر القدماء أن
هذه العلل المذكورة أعلاه جزء لا يتجزأ من هذه الجذور؛ حيث اعتبروا أن هذه
الكلمات: (حم، واسم، وشفة، وأخ، واثنان، ويد، ودم، ورئة، وسنة، وفئة، وهن، ووبرة،
ومائة...الخ) بنيت جذورها بناءً ثلاثيا حذفت لاماتها، واستدلوا على ذلك بظهور
اللام المحذوفة في بعض تصاريف الكلمة مثل:
أخوة، و أبوة، و دمى، أيدي ...
على الرغم من كل ما
قدم من بحوث ونظريات وأطروحات تأكد وجود الجذر الثنائي، فإن الجدل حول الأصول الثنائية للكلمة العربية ما زال قائماً، وما زال اللغويون الحاليون
يصرّون على إرجاعها إلى الأصل الثلاثي بكثير من التعسّف والخروج عن منطق اللغة.
إن ما يؤكد قولنا هذا
هو ما جاء به الدكتور محمد الوادي في مقاله " أصناف الجذور في المعجم العربي
عندما قال:
"بأن المعجميون العرب القدماء منهم أو المحدثين لم يخصصوا دخلات
جذرية للجذور الثنائية السالمة. ومثلوا للألفاظ التي اشتقت من هذا الصنف من الجذور
في دخلات جذرية ثلاثية، لاماتها إحدى العلل الأربعة /و، ي، ء، ه/، على اعتبار أن
الجذور في اللغة العربية إما أن تكون ثلاثية أو رباعية أو خماسية،[3] وهذا ما ذهب إليه العرب القدماء؛
حيث قال سيبويه في الكتاب:
"الكلام على ثلاثة
أحرف، وأربعة أحرف، وخمسة لا زيادة فيها ولا نقصان ... فعلى هذا عدة الكلـــم، فما
قصر على الثلاثة، فمحذوف"[4]. وجاء في ديوان الأدب
للفارابي من أن " الأسماء ثلاثة ضروب: ثلاثي، ورباعي، وخماسي، نحو: رجل، وعقرب،
وسفرجل.. والأفعال ضربان: ثلاثي، ورباعي فقط، نحو ضَرب وقرمط."[5]
وهكذا فإن المعاجم
العربية القديمة اختلفت أشد الاختلاف في التمثيل للجذور الثنائية السالمة، فإذا
عدنا إلى معجم العين فسنجد √ء خ، وارد في مدخل (ء خ و)، على غرار ما ذكره صاحب
اللسان في مادة (ء خ و) عدة روايات مفادها أن أصل المادة المعجمية (ء خ ا) هي (ء خ
و )، غير أن ابن فارس قال إن "الهمزة و الخاء و الواو ليس بأصل، لأن الهمزة
عندنا مبدلة من واو."[6] لكنه لم يذكر مشتقات √ء خ.
وجاء في مقال محمد الوادي "أصناف الجذور في المعجم العربي" أن مشتقات
√س م، فوارد في العين والمقاييس في مادة (س م و)، وذكرها صاحب اللسان في مادة (س م
ا)، ونسب ابن منظور إلى الجوهري قوله: "والاسم مشتق من سموت ... والذاهب منه
الواو، لأنه جمع أسماء، وتصغير سمي"[7].
نستنتج مما سبق أن
المعجميين العرب القدماء، لم تكن لهم رؤية موحدة في تعيين العلل المفترضة في لامات
الجذور الثنائية السالمة، إذ قدم كل واحد علله الخاصة. غير أن هذا كله يتعارض كليا
مع ما ذهبوا إليه من أن صوامت الجذر (الحروف الأصول) لا يمكنها أن تسقط أثناء تصاريفها،
وإنما الذي يسقط هو ما زيد على هذه الأصول.
وفي هذا الصدد يقول
ابن يعيش:
"إذا وردت
الكلمة، وفيها بعض حروف الزيادة، ورأيت ذلك الحرف قد سقط في بعض تصاريفها، حكمت
عليه بأنه زائد لسقوطه، إذ الأصل ثابت لا يسقط "[8] مضيفا أيضا أن "الحروف
الأصول هي مادة لما يبني منها من الأبنية المختلفة، موجودة في جميعها، من نحو: ضرب
يضرب، فهو ضارب ومضروب. ف: (ض ر ب) موجودة في جميع هذه الأبنية"[9].
وبموجب تصريف الكلمة
يمكننا أن نعرف الصوامت الأصول للجذر بعدم سقوطها في جميع تصاريف الكلمة، فأما
اللواصق والزوائد فتظهر في بعض التصاريف وتختفي
في أخرى.
مثال ذلك:
الجذر
|
مفرد
|
تكسير
|
تصغير
|
√ش ف
|
شفة
|
شفاه
|
شُفَيهة
|
√د م
|
دَمٌ
|
دماء
|
دُميّ
|