الجذر الرباعي (تعريفه، الجذور الرباعية السالمة، الجذور الرباعية المكررة).

1-  الجذر الرباعي

كثر الحديث و تعددت الآراء حول أصل الجذور الرباعية؛ نظرا لتواجد ما يقابلها في المعاجم العربية من صور لجذور ثلاثية، بالإضافة إلى العلاقة اللفظية هناك أيضا دلالة مشتركة بينهما.
ذهب ابن جني فيما يؤكد بتداخل الجذور الثلاثية والرباعية، بقوله: "فأما تداخل الثلاثي والرباعي لتشابههما في أكثر الحروف فكثير؛ منه قولهم: سبط، وسبطر فهذان أصلان لا محالة". مصرا على قوله على أن أحدا لم يدع زيادة الراء، مقارنا بذلك: دمث، ودمثر وحَبج، وحبْجَ"[1].
معترضا بذلك على ما ذهب إليه أحمد بن يحي في قوله:
يرد قلْخا وهديرا زغدبـــــا
إلى أن الباء زائدة، واخذه من زغد البعير يزغد زغدا في هديره. وقوله: إن الباء زائدة كلام تمحه الآذان، وتضيق عن احتماله المعاذير. وأقوى ما يذهب إليه فيه أن يكون أراد أنهما أصلان مقتربان كسبط و سبْطَر. فإن أراد ذلك أيضا فإنه قد تعجرف[2].
ويورد ابن جني في الخصائص عدة أمثلة لما يراه تداخلا بين الجذور الثلاثية والرباعية في:"زرم، وازرأم، وخضل، واخضال، وأزهر، وازهأر، وضفد واضفاء، وزلم القوم، وازلأموا، وزغب الفرخ، وازلغب. ومنه قولهم: مبلع، وبلعوم، وحلق وحلقوم، وشيء صلدم، وصلادم، وسرطم، وسرواط"[3].
فبالإضافة إلى ما سبق، هناك بعض الدارسين الذين يرون أن لا علاقة بين هاتين الفئتين(الجذور الثلاثية والرباعية)، والبعض الآخر يرون أن جذر الرباعي ناشئ عن طريق النحت من جذرين ثلاثيين. ونقصد بالنحت، أي أخذ كلمة من عبارة أو من كلمتين وذلك قصد الاختصار، مثال ذلك:
-   سبحل: سبحان + الله
-  حولق: لا حول ولا قوة إلا بالله
-  بسمل: باسم الله
-  صهصه: قال له صه
-  جعفد: جعلت فداك
-  حيعل: حيَّ عل الصلاة
تنقسم الجذور الرباعية كغيرها من الجذور التي سبق ذكرها إلى صنفين اثنين:

1-1  جذور رباعية سالة

يتكون هذا الصنف من الجذور من أربعة صوامت غير متجانسة أو متماثلة، ولتحديد ومعرفة هذا النوع من الجذور الرباعية السالمة لابد من ميزان عروضي؛ الذي يعتبر قالب يوضع فيها الجذر لتحديد نوعه.
ومهما تعددت صيغ هذه الجذور الرباعية، فإنها لا تخرج عن ميزانين عروضيين كما حددها محمد الوادي في مقاله "أصناف الجذور في المعجم العربي"، الأول يتكون من مقطعين طويلين مغلقين (س ح س س ح س )[4]. كما في الأمثلة الآتية:
في الاسم مثلا:
الجذر:  √ ج ع ف ر 
الميزان العروضي:  س ح س س ح س
الكلمة:ج –َ ع ف –َ ر 
في الصفة مثلا[5]:
الجذر :                       √ س ل ه ب  
الميزان العروضي:           س ح س س ح س
الكلمة:                        س –َ ل ه –َ ب
في الفعل مثلا:
الجذر :                       √ د ح ر ج 
الميزان العروضي:           س ح س س ح س
الكلمة:                        د –َ ح ر –َ ج
والثاني يتكون من مقطعين، الأول قصير مفتوح والثاني مديد (س ح س ح س س) كما في الأمثلة التالية[6]:
 في الاسم مثلا:
الجذر : √ ف ط ح ل 
الميزان العروضي: س ح س ح س س
الكلمة: ف –ِ  ط  -َ ح  لفي الصفة مثلا:
الجذر:                        √ه ز ب ر   
الميزان العروضي:            س ح س ح س س
الكلمة:                         ه –ِ ز –َ ب ر
وهناك صنف آخر من الجذور الرباعي السالمة يتم الحصول عليها بواسطة مخالفة أحد عنصري التضعيف في الجذور الثلاثية المضعفة العين، كما في[7]:
√ف ع-ع- ل  ←  √ف ع ل ل ←  [س ح س س ح س ]
√ف ق- ق- ع ←  √ف ر ق ع  ←  [ف –َ ر ق –َ ع ]

√ف ع-ع- ل  ←  √ف ع ل ل ←  [س ح س س ح ح س ]
√خ ر- ر- ب ←  √خ ر ن ب ←    [خ –َ ر ن –َ –َ ب ]
أيضا هناك صنف آخر من الجذور الرباعية السالمة يتم الحصول عليه بواسطة النحت كما وسبق أن ذكرنا. مثل:
جعلت + فداك =   √ج ع ف د
بعق + بثق   =   √ب ع ث ق
بحث + بثر  =   √ب ح ث ر
تشكل هذه الأصناف من الجذور الرباعية السالفة الذكر صنفا جذريا واحد، ألا وهو الجذر الرباعي السالم.

2-1  جذور رباعية مكررة

يتسم هذا الصنف من الجذور الرباعية المكررة بالندرة بالمقارنة مع الجذور الرباعية السالمة. ونقصد بالجذور الرباعية المكررة؛ أي التي يتكرر فيها صامتان غير متجاورين، وتنقسم هذه الجذور إلى ثلاثة أقسام[8]:
القسم الأول: يتماثل فيه صامتان الأول والثالث [ف ع  ل1 ل2]؛ أي ما تماثلت فيه الفاء و اللام الأولى(1). نحو[9]:
√ ص ل ص ل ← √ج ح ج ب ← √ز ه ز ق
√ت ر ت ب ← √ب ر ب خ ← √ج ر ج م
√ق ر ق ل ←  √ص ع ص ع ←  √ق ر ق ر
القسم الثاني(2): يتماثل فيه الصامتان الأول و الرابع [ف ع ل1 ل2]؛ أي ما تماثلت فيه الفاء و اللام الثانية، نحو:
√ص ع ف ص ← √س ن د س ← √ق ر ب ق
القسم الثالث(3): يتماثل فيه الصامتان الثاني والرابع [ف ع  ل1 ل2]؛ أي ما تماثلت فيه العين و اللام الثانية، نحو:
√ع س ط س ← √ش ع ل ع ← √س ك ر ك
بعد تتبعنا لهذا الصنف من الجذور الرباعية في عدد من كتب القدماء، لاحظنا أن عدد الجذور الرباعية السالمة يفوق بكثير عدد الجذور الرباعية المكررة، وقد ورد في مقال ذ.محمد الوادي "أصناف الجذور في المعجم العربي" 40 جذرا مكررا، و1300 جذرا سالما، وترجع أسباب قلة هذا الأخير إلى قيد صاغه المحدثون يتمثل في إطار نظرية هندسة السمات  (feature geometry)، والتي تنظم فيها سمات الصوامت بشكل هرمي داخل شجرة في طبقات مستقلة.
 وتعد الصوامت المتماثلة في القسم (1) و(2) بالمتجاورة؛ لأن الصوامت التي تفصل بينهما حسب مكارتي تعد شفافة. وفي ذاك خرق لقيد "مبدأ المحيط الإجباري" الذي يمنع تجاور القطعات المتماثلة، مثال على ذلك:
(1)الجذر:           ب        ر      ب        خ                        
السمات:             شفوي           شفوي
                             تاجي             ظهري
(2)الجذر:          ح          ط        م         ط   
 السمات:                     تاجي                تاجي
                  جذري               شفوي
إذن فإن الصامتان المتماثلة في (1) توجد في حكم المتجاور؛ لأن الراء ليست لها أي تخصيص سماتي أي أنها صامت شفاف، ونفس الشيء ينطبق على المثال (2)، فإن الصامتان المتماثلان (الطاء) متجاوران، بحكم أن الميم ليس لها أي تخصيص سماتي.


[1] - ابن جني، الخصائص، ج/2، ص: 49.
[2] - نفسه، ص: 49.
[3] - ابن جني، الخصائص، ج/2، ص: 50.
[4] - محمد الوادي، أصناف الجذور في المعجم العربي، ص: 73.
[5] - عبد الرزاق ترابي، صرف-تركيب اللغة العربية، ص:131.
[6] - نفسه، ص: 132.
[7] - محمد الوادي، أصناف الجذور في المعجم العربي، ص: 73.
[8] - محمد الوادي، أصناف الجذور في المعجم العربي، ص: 74.
[9] - ابن جني، الخصائص، ج/2، ص: 58.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-