الجذر الخماسي
فإذا كانت الجذور
الرباعية لها ما يقابلها في المعاجم العربي من صور لجذور ثلاثية، فنفس الشيء
بالنسبة للجذور الخماسية فلها ما يزاحمها من الجذور الرباعية، غير أن في ذلك عدد
قليل جدا. يقول ابن جني:
"وأما تزاحم
الرباعي مع الخماسي فقليل. وسبب ذلك قلة الأصلين جميعا، فلما قلا قل ما يعرض من
هذا الضرب فيهما؛ إلا أن منه قولهم: ضَبَغطى، وضَبْغطى، وقوله أيضا:
*قد دردبت والشيخ دردبيـــــس*
ف(دردبت) رباعي و (دردبيس)
خماسية. ولا أدفع أن يكون استكره نفسه على أن بني من (دردبيس) فعلا فحذف خامسه؛
كما أنه لو بني من سفرجل فعلا عن ضرورة لقال: سَفْرَج"[1].
ويمكن تصنيف الجذور
الخماسية كسابقاتها من الجذور الثلاثية والرباعية إلى صنفان.
1-1 جذور خماسية سالمة
يتكون هذا الصنف من
الجذور الخماسية السالمة من خمسة صوتيات غير متجانسة أو متماثلة. وينقسم هذا
الصنف إلى ثلاثة موازين عروضية هي على التوالي[2]:
(1)- يتكون من مقطع
قصير مفتوح، ومقطعين مغلقين [س ح/ س ح س/ س
ح س]،
ومن أمثلة ذلك:
الجذر √ف ع ل ل ل
|
الميزان العروضي [س ح س ح س س ح س]
|
الكلمة
|
|
√ف ر ز د ق
|
ف –َ ر –َ ز د –َ ق
|
فَرَزْدق
|
|
√ق د ع م ل
|
ق –ُ د –َ ع م – ِ ل
|
قُدَعمل
|
|
√ش م ر ذ ل
|
ش –َ م –َ ر ذ –َ ل
|
شَمَرْذَل
|
|
(2)- يتكون من مقطعين
طويلين مغلقين يتوسطهما مقطع قصير مفتوح
[س
ح س س ح س ح س]
ومن الجذور التي جاءت على هذا النحو:
الجذر √ف ع ل ل ل
|
الميزان العروضي [س ح س س ح س ح س]
|
الكلمة
|
√ج ح م ر ش
|
ج –َ ح م –َ ر-ِ ش
|
جَحْمَرش |
(3)-يتكون الميزان
العروضي الثالث من مقطع طويل مغلق، و مقطع ثقيل
الجذر √ف ع ل ل ل
|
الميزان العروضي [س ح س س ح س س]
|
الكلمة
|
√ج ر د ح ل
|
ج –ِ ر د –َ ح ل
|
جِرْدَحل
|
√ق ر ط ع ب
|
ق –ِ ر ط –َ ع ب
|
قِرْطَعْب
|
نستنتج من خلال بحثنا في الجذور الخماسية
السالمة، أن مهما كانت صوائتها وصوامتها فلا يمكنها أن تخرج عن هذه الموازين
العروضية شريطة أن يكون الجذر خماسيا.
2-1 جذور خماسية مكررة
يتسم هذا الصنف من
الجذور الخماسية المكررة بتكرير صامتان أصليان غير متجاورين، كما في هذه الأمثلة[4]:
الأمثلة
|
الجذر
|
الصامت المكرر
|
المثال(1)
|
√د ر د ب س
|
د ر د ب س
|
المثال(2)
|
√ص ه ص ل ق
|
ص ه ص
ل ق
|
إن الصوامت المكررة في المثال (1) و(2) كحال نظيرتها من الجذور الرباعية
المكررة، إذ تعد بالمتجاورة؛ لأن الصوامت التي تفصل بينهما حسب مكارتي تعد شفافة.
وفي ذاك خرق لقيد "مبدأ المحيط الإجباري"، الذي يمنع تجاور القطعات
المتماثلة.
مثال ذلك: الجذر: ص ه
ص ل ق
السمات: تاجي تاجي تاجي
حنجري ظهري
بناء على ما سبق فإن الصامتين الصادين في الجذر (√ص
ه ص ل ق) يعدان بالمتجاورتين؛
أي أن الهاء، ليست لها أي تخصيص سماتي في طبقة التاجية التي ينتمي إليها الصادان.
وبهذا فإن هذا الصنف من الجذور المكررة سواء الثلاثية منها أو الرباعية أو
الخماسية قد خرق قيد مبدأ المحيط الإجباري، الذي يمنع تجاور العناصر المتماثلة.
غير أن هذا الخرق لا يعني أنها جذور سيئة التكوين، بل تعد صوامتها أصلية حسب
القدماء. فالبتالي يصعب علينا الجزم بالقول أنها سيئة التكوين.
حاولنا، من خلال هذا الفصل، البحث عن أصل مفهوم الجذر اللغوي، من خلال
تقديم تعاريف لغوية وإصلاحية من معاجم متنوعة وكتب مختلفة، وخلصنا إلى نتيجة
مُفَادُها أن الجذر مادة لغوية يتضمن حروفا صوتية غير مستقلة عن بعضها البعض، ولها
ترتيب محدود وعدد معلوم؛ أي أن الجذر هو حروف الأصول التي تُبنى على أساسه الكلمة
في المجال الصرفي.
يتبين مما سبق، أن اللغة العربية أكثر اللغات السامية حفاظا على الأصناف
الجذرية المتنوعة، رغم ما قيل عن تمثيل بعض الجذور داخل المعاجم العربية. وقد بينا
أن هناك بعض الأصناف من الجذور تم التمثيل لها في دخلات جذرية ثلاثية، بل الأكثر
من ذلك غيب التمثيل لهذا الصنف داخل المعاجم العربية، مثل الجذور الثنائية التي
مثلوا لها في دخلات ثلاثية، والتي اشتقت منها مقولات تارة نجدها في دخلات ثلاثية،
وتارة أخرى في دخلات رباعية، مما يعني غياب تصور واضح ومضبوط لوضع وصياغة المعاجم
العربية القديمة منها أو الحديثة.
والعيب كل العيب أن نجد نفس الخطأ يتكرر
في معاجمنا العربية الحديثة، رغم ما قدم من نظريات وبراهين وأدلة، التي تؤكد على
وجود أصناف جذرية أخرى غير تلك التي ذكرها القدماء ومثلوا لها في معاجمهم القديمة.
وقد بينا، بعض القيود الحديثة التي تبرر قلة وجود الجذور المكررة بجميع
أصنافها على غرار الجذور السالمة.
فإذا كانت اللغة العربية أكثر اللغات السامية حفاظا على الأصناف الجذرية
التي ذكرنا، إذن فماذا عن مناهجها وأسسها الصوتية اللذان اعتمدتهما في بناء جذورها
المتنوعة ؟