التنافس اللغوي (بحث لساني).

التنافس اللغوي بحث لساني

قبل أن نتطرق لأهم العوامل التي ساهمت في ظهور التنافس اللغوي، تجدر الإشارة إلى بعض أنوا ع الصراع اللغوي وخاصة التي نلمس جوانبها بمحور عرضنا "اللغة العربية نموذجا"، وندرج هذه الأنواع كالتالي :
صراع لغة عامية وأخرى مثالية داخل لغة واحدة: سؤالنا هو : هل تعيين اللغة العربية صراعا لغويا مع العربية المغربية، أم لا يبدوا الصراع واضحا حيث العامية تسيطر على أغلب مجالات الحياة إلا أنها في الوقت نفسه داعة للعربية الفصحى . كما أنها لا يمكن أن تصل إلى مستواها ومنزلتها وبالتالي " فوضع اللغة العربية إزاء العامية يبدو أنه لا يخضع للمنافسة بقدر ما هو تكامل للأدوار، فلاندماج أمر تلقائي حسب الفاسي الفهري.
إن وضع اللغة العربية تجاه الامازيغية وضع غير مقلق نسبيا ما دامت الامازيغية توظف في الملاسنة في إطار محيط اجتماعي معين وما دامت لا تضطلع إلى الدور الوظائفي الذي تقوم له الفصحى إلا أنه يجب التنبه إلى ما يخص تعليم الامازيغية بالمغرب " إذ يجب أن نعتمد خطة متولدة عن تصور شمولي في جوانبه النفسية و التدريسية و الاجتماعية " يستند إلى رؤية واضحة .
صراع لغة وأخرى أجنبية: وهذا ما سنركز عليه في عرضنا، وهو الصراع الذي تعرفه اللغة العربية مع اللغات الأجنبية الأخرى وخاصة [ الفرنسية و الاسبانية و الانجلزية ] وسنحاول أن نعرض أهم العوامل التي أدت أو ساهمت في الصراع الذي تعرفه لغتنا إزاء هذه اللغات .
وتنقسم  هذه العوامل إلى عوامل خارجية وأخرى داخلية :

العوامل الخارجية:

عوامل عسكرية : ونركز فيها على علاقة اللغة العربية باللغة الفرنسية من جهة، واللغة الاسبانية من جهة أخرى، والتي ساهم الاستعمار سواء الفرنسي أو الاسباني على تثبيت ركائزهما بالمغرب، " فإذا كان المعمر الفرنسي قد عمل في مناطق نفوذه على إقرار ونشر اللغة الفرنسية فان المعمر الاسباني لم يغفل ذلك ".
عوامل اقتصادية : نجد أن للجانب الاقتصادي أيضا دور مهم في تثبيت اللغة الأجنبية بالمغرب، حيث نجد أن اغلب الاقتصاديين المغاربة لا يدينون إلا باللغات الأجنبية وخاصة الفرنسية، وهذا يرجع إلى أن هناك مصالح اقتصادية تربط المغرب بفرنسا "فهي المستورد الأول و الزبون الأول بالمغرب بنسبة25 في المائة من مجموع الاستثمارات بالمغرب" .
عوامل اجتماعية : هذا العامل هو حصيلة للعاملين السابقين العسكري والاقتصادي، فتعلم اللغات الأجنبية لم يعد وسيلة للاضطلاع على الثقافات الأخرى بل صار التخاطب بها في حياتنا اليومية واضحا بشكل كبير، " فافرنجج لساننا في المخبزة والمقهى والاجتماع بالجامعة والجماعة وفي بيتنا مع أطفالنا ". وفي مجال الشغل أيضا، صار إتقان الفرنسية كتابة وقراءة أكثر من اللغة العربية أمرا لابد منه للذي يحرص على ضمان حياة علمية في المستقبل بينما يبقى مجال العربية بهذا الخصوص ضيقا.
عوامل ثقافية: تعد فرنسا المكون الأول للأطر المغربية بالإضافة إلى انتماء المغرب إلى جمعيات تكفل استمرار الفرانكفونية، مما يساهم على في تعزيز مكانة اللغة و الثقافة الفرنسيتين و تثبيتها، إذ تعتبر الفرانكفونية اجترار للغة و الثقافة الفرنسية.   
عوامل علمية : ظهرت هذه العوامل جليا في العصر الحديث، حيث يبدو أن تأثير اللغات الأجنبية وخاصة الانجليزية واضحا على اللغة العربية، وذلك من عدة جوانب : فنجدها تفرض مصطلحاتها بشكل كبر، ويرجع هذا إلى تقدمها العلمي، و خصوصا في مناهج البحث و النظريات الحديثة في مختلف العلوم، فتؤثر على ألسنة الكثير من الباحثين العرب الذين صاروا يتكلمون تلك اللغات في الندوات والمؤتمرات وغيرها.
عوامل العولمة : بالإضافة إلى الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية التي تحملها العولمة، نجد أن لها تأثيرات على اللغة . حيث تساعد على فرض الاحتكاك بين العربية واللغة الأجنبية بشكل أسرع مما كانت عليه في السابق، مما ينذر بخطر على اللغة العربية في ظل ما تعرفه اللغات الأجنبية من انتشار و توسع.

العوامل الداخلية

بعد تطرقنا لأهم العوامل الخارجية، ومدى تأثيرها على اللغة العربية بالمغرب . هناك عوامل أخرى داخلية هي أشد تأثيرا، و تشمل عدة جوانب نذكر أبرزها :
التعليم : 
يعد التعليم من أهم العوامل الداخلية التي تؤثر على اللغة العربية ويشمل :
أ – تعليم اللغات الأجنبية :  إن ما نلاحظ من إقرار اللغات الأجنبية في التعليم يبدو أمرا لابد منه، لكن أن يكون في مراحل الابتدائية الأولى و في مقابل  وضع الإعراب في أعلى الهرم مما يظهر صعوبة اللغة العربية واعتبار مقررها من أصعب المقررات، أمر يجعل من اللغة العربية و مقررها لغة يحاول المتعلمون اجتيازها في الامتحانات فقط .
ب – التعليم باللغات الأجنبية : السؤال الذي يطرح هنا هو هل لا يمكن تعليم العلوم إلا بلغتها الأصلية ؟
هذا لا صحيحا، حيث نجد أن بعض الدراسات تثبت عكس ذلك. " فدول العالم التي تدرس الطب بلغتها كاليابان و الصين وروسيا وغيرهم كلها تجارب ناجحة " فهل الطب الألماني يختلف عن الصيني أو الانجليزي؟ أم أن إصرارنا على التعليم باللغات الأجنبية، هو اعتراف ضمني بعجز اللغة عن تلبية حاجات العلوم .
الإعلام:
إن أي مجتمع وكما هو الحال بالمغرب، لا يمكنه الاستغناء عن الإعلام، لكن يبقى لهذا الأخير أيضا أثره الواضح على اللغة العربية.
فمن جهة صراع اللغة العربية و اللغات الأجنبية [الفرنسية الاسبانية والانجليزية ] يظهر في بث قنوات باللغات الأجنبية، و المساحة الكافية التي تأخذها هذه اللغات في الإعلام [السمعي ، البصري والمرأى] .
أما من جهة صراع العربية والعامية، فيبدو أن اللغة العامية تأخذ الصدارة ولها ذيوع في مجالات الإعلام، خاصة  [السمعية و البصرية].
سوق العمل: في المغرب نجد أن الإقبال على المؤسسات و الشركات أصبح يعرف إقبالا كبيرا، إلا أنها تضع شرط الالتحاق بمجالاتها إتقان اللغات، خاصة الانجليزية و الفرنسية، " مما يجعل الراغبين في الالتحاق بالعمل يدعمون تعليم اللغات الأجنبية حتى يتسنى لهم الحصول على وظيفة.
بالإضافة إلى هذا نكون أيضا نحن من فرضنا الصراع على أنفسنا، و هذا يظهر في الجانب التجاري في تعليق اللافتات باللغات الأجنبية، وفي المجال الصحي في وصفات العلاج المكتوبة باللغات الأجنبية، إلى غير ذلك من الجوانب .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-